التعليم.. قضية أمن قومي


هل يمثل التعليم بعدًا هامًا في الأمن القومي للدول والشعوب؟.. نعم التعليم قضية ومعركة أمن قومي.. بل هو خط الدفاع الأول في قضايا الوطن والمواطنة.

 يخطيء كل من يظن أن مفهوم الأمن القومي في عالمنا المعاصر يقتصر علي حماية حدود الدولة وأمنها الداخلي عبر سلسلة من الإجراءات العسكرية والأمنية.. فقد أصبحت للأمن القومي آفاق أخري لا تقل أهمية عن هذه الأطر تلعب دورا محوريا في تأمين مسيرة أي مجتمع وتحديد مدي قدرته علي مواجهة التحديات التي تحيق به وفي رسم معالم حاضره ومستقبله

 إن إعداد أجيال تؤمن بفكر وثقافة التسامح وتقبل الآخر وبناء عقول مستنيرة تقود مسيرة الوطن في مجالات العمل المختلفة طبقا لمعطيات العلم والتكنولوجيا وإعداد الشخصية القادرة علي الفهم والتعامل مع إفرازات عصر العولمة بانفتاحه وتقلباته بوعي وذكاء مهام يقع العبء الأكبر منها علي عاتق التعليم ومؤسساته وكلها مهام تمس بشكل مباشر أو غير مباشر الأمن القومي.

والتسليم بتلك الأطروحات يجعل من التعليم معركة حقيقية تحتاج لحشد كل طاقات المجتمع بكل قطاعاته ومؤسساته -حكومية وغير حكومية لقد انتهي صراع الأيديولوجيات في العالم المعاصر وأصبح الصراع صراع الفكر والتكنولوجيا وتطويع العلم في مجالات الإنتاج فالصين المتقدمة في التعليم وتكنولوجيا التصنيع والإنتاج حققت تفوقا ونجاحا لم تحققه الصين الشيوعية.

. والصراع بين دول العالم أصبح في إطار قفزات العلم وتطبيقاته وتوظيفها في قنوات اقتصادية.. الدول القوية في عالمنا المعاصر هي التي تملك التقدم العلمي والتكنولوجي وتحقق بهما ازدهارا في جميع جوانب المجتمع فالصراع لم يعد علي مناطق النفوذ الاستعماري بل علي ريادة العلم والإنتاج والاستثمار.. التعليم يصبح في هذا الإطار الركيزة الأولي للانضمام لسباق انطلق في دول كثيرة بسرعة فائقة لا نستطيع مواكبتها حتي الآن.


التعليم هو معركة مصر الحقيقية.. معركة نكون أو لا نكون معركة الانتصار فيها يعني الأمل في اللحاق بالركب الذي فاتنا والانكسار فيها يعني ضياع الأمل في الحاضر والمستقبل. التعليم هو القلب الذي يضخ الدماء في شرايين الأمم وبدونه تتوقف الحياة.

. ومعركة التعليم في مصر قد تبدو للكثيرين معركة مستحيلة في ظل تراكمات من المشاكل وعدم وضوح الرؤي المستقبلية الشاملة وعدم التركيز بالقدر الملائم علي بعد الأمن القومي للتعليم وفي ظل تلك المعطيات تصبح معركة التعليم أصعب بكثير من أن تكون معركة وزير أو وزارة بل هي معركة المجتمع بأسره بجميع قطاعاته ومفكريه ومبدعيه ومثقفيه ومخططيه لابد أن نحشد طاقاتنا لهذه المعركة ولابد أن يشعر كل فرد في هذا المجتمع أن عليه دورا وان له موقعا في أرض هذه المعركة لابد أن يغيب تماما التربص الذي يبديه البعض تجاه من تلقي علي عاتقهم مسئوليات تصحيح مسار التعليم في مصر.. فالذين يقودون معركة التعليم في مصر يواجهون تحديات حقيقية وصعبة للغاية ولابد من أن يدعمهم الجميع ولابد أن تفتح قنوات الاتصال بينهم وبين كل من يمكن أن يشارك في تلك المعركة المقدسة.. يجب أن يقف الجميع معهم بصدق وإخلاص.

. إن قضية التعليم تمثل معركة ملفاتها شائكة وقضاياها متداخلة معركة تتعلق بأضلاع عملية التعليم الثلاثة المعلم والمنهج والطالب هناك قضايا المعلم وإعداده وتدريبه وتوفير متطلباته والمنهج وتحديد أهدافه وتوصيف مقرراته ومحتواها. والطالب وهويته وثقافته وتزويده بالمهارات والفكر المطلوب وفوق كل ذلك قضية ومعركة وضع تعليمنا ومؤسساته علي المحك العالمي وتوكيد جودته في إطار المعايير المعترف بها دوليا.


وفي معركة التعليم.. معركة أمن مصر القومي.. يجب أن ندرك أن معالجة ملفات وقضايا التعليم ووضع سياساته لن تحوز علي قبول ومباركة جميع المهتمين بهذا الشأن إن عدم الاتفاق علي قضايا التعليم والاختلاف حول سياساته لا يمثل مشكلة بل ربما يصبح أمرا منطقيا وظاهرة صحية إذا سلمت النوايا وانتفت المصالح الشخصية وكان الصالح العام هو الغاية والقصد يجب أن يؤمن الجميع أن الهدف واحد والمعركة واحدة والنهوض بالتعليم قدر جميع أبناء الوطن يجب أن تدعم كل مؤسسات المجتمع قادة معركة التعليم من أجل حاضر ومستقبل مصر ومن أجل أمنها القومي.

بقلم:أ.د. أحمد محمد عبود,أستاذ الآدب الانجليزي,وكيل كلية التربية جامعة عين شمس,نقلا عن www.algomhuria.net

التعليقات
0 التعليقات

---------------------------------------------------------------------------------------------------

---------------------------------------------------------------------------------------------------